آخر الأخبار

فلسفة و. د. جان الأساسية: لماذا اعتبر “الوقت” هو العامل الأكثر أهمية في الأسواق المالية؟

+ جدول التنقل

 

فلسفة و. د. جان الأساسية: لماذا اعتبر “الوقت” هو العامل الأكثر أهمية في الأسواق المالية؟

في عالم التحليل الفني التقليدي، غالباً ما يُنظر إلى السعر (Price) على أنه العامل الأكثر أهمية في تحديد نقاط الدخول والخروج واتجاهات السوق. تُركز معظم المؤشرات والأدوات على تحليل حركة الأسعار التاريخية ومستوياتها (الدعم والمقاومة، المتوسطات المتحركة، الأنماط السعرية) للتنبؤ بالحركات المستقبلية. ولكن بالنسبة لـ و. د. جان (W. D. Gann)، أسطورة التداول وصائد الأسرار، كانت هناك أبعاد أخرى لا تقل أهمية، بل ربما تفوق أهمية السعر في تحديد نقاط التحول الكبرى في الأسواق. في صميم فلسفة جان التحليلية يكمن اعتقاد راسخ بأن **الزمن (Time)** هو العامل الأكثر أهمية في الأسواق المالية، وأنه العنصر الذي يحدد متى سيحدث التغيير في الاتجاه أو الحركة السعرية. لم يكن جان يرى في الزمن مجرد محور أفقي على الرسم البياني يُظهر مرور الوقت؛ بل كان يراه كقوة ديناميكية تُمارس تأثيراً حاسماً على الأسعار، وأن نقاط الانعكاس الكبرى تحدث غالباً عندما “يحين الوقت” لذلك، وليس فقط عندما تصل الأسعار إلى مستوى دعم أو مقاومة معين.
هذا التركيز على الزمن ميز جان عن معظم معاصريه ولا يزال يُعدّ أحد أكثر الجوانب الفريدة والمُعقدة في أساليبه. اعتقاده بأهمية الزمن لم يكن مُجرد نظرية عابرة، بل كان نابعاً من ملاحظاته المُعمقة للطبيعة ودوراتها (خاصة في نشأته الريفية)، ومن دراساته للفلسفات القديمة والكتب المقدسة التي أشار إليها مراراً كمصادر لأسراره عن “قوانين الطبيعة” و”قانون الاهتزاز”. رأى جان أن كل شيء في الكون يخضع لدورات زمنية ونسب رياضية محددة، وأن الأسواق المالية ليست استثناءً. إذا استطاع المرء فك شفرة هذه الدورات الزمنية والنسب المتعلقة بالوقت، فسيتمكن من التنبؤ بنقاط التحول الرئيسية بدقة أكبر بكثير مما لو ركز على السعر وحده. هذا المقال سيتعمق في فلسفة جان حول أهمية الزمن، يشرح لماذا اعتبره العامل الأكثر أهمية، وكيف أثر هذا الاعتقاد على منهجه وأدواته التحليلية التي تُعرف بأنها تجمع بين السعر والزمن بشكل فريد.

 

في الأقسام التالية، سنُفكك فلسفة جان حول أهمية الزمن. سنشرح كيف استمد هذا الاعتقاد من ملاحظاته للطبيعة والدورات الكونية، كيف ربط الزمن بالسعر في نظريته، وكيف تجلت هذه الفلسفة في أدواته التحليلية الشهيرة. فهم هذا الجانب الأساسي من تفكير جان ضروري لأي شخص يُريد التعمق في دراسة أساليبه وتقدير عبقريته كـ “سيد الزمن” في الأسواق.

دروس من الطبيعة: الزمن كقوة مُنظمة

اعتقاد جان بأن الزمن هو العامل الأكثر أهمية في الأسواق المالية يُعتقد أنه نابع بشكل أساسي من ملاحظاته المُعمقة للطبيعة ودوراتها المنتظمة. البيئة الزراعية التي نشأ فيها في تكساس كانت بمثابة فصل دراسي مفتوح حول أهمية التوقيت والدورات:
  • الدورات الموسمية والفلكية: 👈 الزراعة تعتمد على تعاقب الفصول ودورات القمر والشمس. هناك أوقات مُحددة للزراعة، أوقات للنمو، وأوقات للحصاد. تجاهل التوقيت الصحيح (الزمن) يؤدي إلى فشل المحصول بغض النظر عن جودة التربة أو البذور. جان لاحظ هذه الدورات المنتظمة وكيف أنها تُحدد النتائج في الطبيعة. (يمكن إضافة صورة رمزية لتعاقب فصول السنة أو دورة زراعية هنا)
  • الزمن يحدد النتيجة: 👈 في الطبيعة، لا يمكنك تسريع عملية النمو بشكل لا نهائي؛ كل شيء يستغرق وقته المحدد. الوقت ليس مجرد مرور سلبي، بل هو عامل نشط يُساهم في تحديد متى تحدث الأشياء وإلى أي مدى تنمو أو تتغير.
  • النسب الزمنية في الطبيعة: 👈 يُعتقد أن جان لاحظ نسباً زمنية مُحددة في الدورات الطبيعية وحاول تطبيقها على الأسواق.
بناءً على هذه الملاحظات، استنتج جان أن نفس المبادئ تنطبق على الأسواق المالية. رأى أن الأسعار ليست حرة في التحرك صعوداً أو هبوطاً إلى ما لا نهاية أو في أي وقت؛ بل هي مُقيدة بقوانين زمنية تُحدد متى يُرجح أن يحدث التغيير في الاتجاه. الزمن، في نظر جان، هو القوة التي تُسبب التغيير أو تُهيئ الظروف لحدوثه.

دروس جان من الطبيعة عن الدورات وأهمية التوقيت شكلت أساس اعتقاده بأن الزمن هو قوة مُنظمة في الأسواق.

الوقت والسعر: بُعدان متساويان في الأهمية

في التحليل الفني التقليدي، غالباً ما يُنظر إلى الرسم البياني كتمثيل للسعر (المحور العمودي) مقابل الزمن (المحور الأفقي). التركيز غالباً ما يكون على حركة السعر على المحور العمودي. لكن جان رأى أن هذا غير كافٍ. بالنسبة له، السعر والزمن كانا بُعدين متساويين في الأهمية، والعلاقة بينهما هي المفتاح لفهم حركة السوق.
  • الأسواق تتحرك في اتجاهات بزوايا محددة: 👈 في أسلوب جان، لا تتحرك الأسعار صعوداً أو هبوطاً بشكل عشوائي، بل تتحرك في اتجاهات (خطوط مُستقيمة) لها ميل مُحدد، وهذا الميل هو علاقة بين عدد وحدات السعر وعدد وحدات الزمن (مثلاً، الحركة بزاوية 45 درجة تعني أن السعر يتحرك وحدة واحدة لكل وحدة زمنية). هذه “الزوايا” هي التي تُظهر العلاقة بين السعر والزمن. (يمكن إضافة صورة رمزية لرسم بياني مع زاوية 45 درجة هنا)
  • نقطة التحول تحدث عند تساوي السعر والزمن: 👈 اعتقد جان أن أهم نقاط التحول في الأسواق تحدث عندما تتساوى أبعاد السعر والزمن بشكل ما، أو عندما تصل الحركة السعرية إلى “زاوية زمنية” مُحددة. بمعنى آخر، قد يصل السعر إلى مستوى مقاومة مهم (بعد سعري)، ولكنه لن ينعكس حقاً حتى “يحين الوقت” لذلك (بعد زمني). (يمكن إضافة صورة رمزية لنقطة التقاء خطي سعر وزمن هنا)
  • الزمن كعامل يؤكد أو يُعارض السعر: 👈 في نظر جان، إذا وصل السعر إلى مستوى مقاومة مهم في وقت ليس من المتوقع أن يحدث فيه تغير في الاتجاه بناءً على الدورات الزمنية، فإن احتمالية كسر المقاومة تكون أعلى. بالمقابل، إذا وصل السعر إلى مستوى مقاومة مهم في وقت يُتوقع فيه تغير في الاتجاه بناءً على الدورات الزمنية، فإن احتمالية الانعكاس تكون أعلى بكثير. الزمن هنا يُقدم طبقة إضافية من التأكيد (أو عدم التأكيد) لإشارات السعر.
اعتقاد جان بأن الزمن هو العامل الأكثر أهمية لم يُلغِ أهمية السعر، بل وضع الزمن في مكانة مساوية أو أعلى، ورأى أن فهم العلاقة التفاعلية بينهما هو مفتاح التنبؤ الدقيق.

جان لم يركز على السعر وحده، بل رأى أن الزمن بعد أساسي ومساوٍ للسعر في تحديد حركة السوق.

الزمن يحدد متى، والسعر يحدد أين

لفهم فلسفة جان بشكل أعمق، يمكن تبسيط فكرته كالتالي: السعر يُخبرك “أين” السوق (عند أي مستوى سعري هو الآن، وإلى أي مستوى دعم أو مقاومة قد يصل)، بينما الزمن يُخبرك **”متى”** يُرجح أن يحدث التغيير المهم.
  • السعر: أين نحن الآن؟ 👈 التحليل السعري يُساعد في تحديد مستويات الدعم والمقاومة، قنوات الأسعار، الأهداف السعرية المحتملة. إنه يُخبرك عن “المساحة” التي يتحرك فيها السعر.
  • الزمن: متى سيحدث التغيير؟ 👈 التحليل الزمني (بواسطة أدوات جان أو غيرها من أساليب الدورات الزمنية) يُساعد في تحديد فترات زمنية مستقبلية يُرجح أن يحدث عندها تغير في الاتجاه (قيعان أو قمم جديدة). إنه يُخبرك عن “التوقيت” المتوقع للحركات الهامة. (يمكن إضافة صورة رمزية لساعة وسهم يشيران إلى “متى” و”أين” هنا)
في نظر جان، إذا وصلت الأسعار إلى مستوى دعم قوي، فهذا يُشير إلى احتمال ارتداد السعر. ولكن هذا الاحتمال يصبح أقوى بكثير إذا تزامَن وصول السعر إلى مستوى الدعم هذا مع فترة زمنية (يوم، أسبوع، شهر) يُتوقع فيها تغير في الاتجاه بناءً على الدورات الزمنية أو حسابات جان الزمنية. هذا التزامن بين مستوى السعر والبعد الزمني هو ما يُشكل نقطة التحول الرئيسية في السوق، ويُعتقد أن جان كان يبحث عن هذه “النقاط الزمنية السعرية الحرجة”.

في فلسفة جان، السعر يُحدد المستوى، والزمن يُحدد التوقيت الذي يُرجح أن يحدث فيه التغيير المهم.

الزمن كمحفز للتغيير (Time as a Causal Factor)

لم ير جان الزمن كشيء سلبي يمر، بل كقوة دافعة أو محفزة للتغيير في الأسواق. اعتقد أن مرور فترات زمنية مُحددة (بناءً على الدورات أو حساباته) يُمكن أن يُحدث تغيراً في التوازن بين قوى العرض والطلب، حتى لو لم تُظهر الأسعار إشارات واضحة للتغيير بعد.
  • تأثير الزمن على سيكولوجية السوق: 👈 مرور فترات زمنية معينة من قمم أو قيعان سابقة يُمكن أن يؤثر على سيكولوجية المتداولين والمستثمرين (مثلاً، مرور 90 يوماً من قمة سابقة قد يجعل المستثمرين يتوقعون تصحيحاً). هذه التوقعات الجماعية يُمكن أن تُصبح سبباً للتغيير في السعر.
  • الزمن يُكمل الصورة: 👈 في بعض الأحيان، قد لا تظهر الأسعار إشارات واضحة للتغيير (مثلاً، لا يوجد مستوى دعم قوي قريب)، ولكن التحليل الزمني يُشير إلى أن “الوقت قد حان” للانعكاس. في هذه الحالة، قد يرى جان أن الإشارة الزمنية أقوى من الإشارة السعرية الظاهرة.
  • التنبؤ بـ “متى” أهم من التنبؤ بـ “أين”: 👈 في نظر جان، معرفة متى يُرجح أن يحدث انعكاس في الاتجاه (تحديد القمة أو القاع الزمني) قد تكون أكثر قيمة من معرفة المستوى السعري الدقيق الذي سيصل إليه السوق، لأن التوقيت الصحيح يمكن أن يسمح للمتداول بالاستعداد للتغيير والاستفادة منه بشكل أكبر.
اعتبار الزمن كقوة مُحفزة هو ما يجعل فلسفة جان مختلفة جوهرياً عن التحليل الذي يركز فقط على السعر. الزمن ليس مجرد خلفية لحركة السعر، بل هو جزء لا يتجزأ من العملية التي تُحرك الأسعار.

في فلسفة جان، الزمن قوة نشطة تُساهم في تحديد توقيت التغييرات في الأسواق.

تطبيق فلسفة الزمن في أدوات جان

فلسفة جان حول أهمية الزمن تتجلى بوضوح في أدواته التحليلية الرئيسية:
  • زوايا جان (Gann Angles): 👈 هذه الزوايا (مثل 1×1، 1×2، 2×1) تُمثل علاقة ثابتة بين وحدة سعر ووحدة زمنية. هي تُظهر كيف يجب أن يتحرك السعر بمرور الوقت للحفاظ على اتجاه معين. كسر زاوية معينة (سواء سعرياً أو زمنياً) يُشير إلى تغير في العلاقة بين السعر والزمن واحتمال تغير الاتجاه.
  • مربعات جان (Gann Squares): 👈 أدوات مثل مربع الـ 9 صُممت لربط السعر والزمن والأبعاد الهندسية في هيكل واحد. تُستخدم لتحديد مستويات سعرية وزمنية مستقبلية يُرجح أن يحدث عندها تغير في الاتجاه. الفكرة هي البحث عن الأوقات والمستويات التي “تلتقي” فيها الأبعاد لتُشكل نقطة تحول.
  • الدورات الزمنية (Time Cycles): 👈 تطبيق مباشر لفلسفته. يُبحث عن أنماط زمنية تتكرر من قمم أو قيعان سابقة للتنبؤ بقمم أو قيعان مستقبلية محتملة بناءً على الزمن وحده.
  • نسب جان الزمنية والسعرية: 👈 استخدام نسب مُحددة للسعر والزمن بناءً على الدورات الكبرى (مثل 1/2 أو 1/3 من الحركة الكلية) لتحديد نقاط تحول زمنية أو سعرية.

 

كل أداة من أدوات جان مصممة لتُساعد المتداول على رؤية العلاقة بين السعر والزمن، وتحديد نقاط في المستقبل حيث يُرجح أن تلتقي الأبعاد لتُشكل فرصاً أو مخاطر تداول مهمة.

أدوات جان هي التطبيق العملي لفلسفته التي ترى في الزمن عاملاً أساسياً ومساوياً للسعر.

الخلاصة النهائية: في فلسفة و. د. جان التحليلية، لم يكن السعر هو العامل الوحيد، بل اعتبر **الزمن** هو العامل الأكثر أهمية في الأسواق المالية. هذا الاعتقاد لم يكن عشوائياً، بل كان نابعاً من ملاحظاته العميقة لقوانين الطبيعة ودوراتها المنتظمة، ومن دراساته الفلسفية عن القوانين الكونية التي تُحكم كل شيء.
رأى جان أن الأسواق المالية تخضع لنفس الدورات الزمنية والنسب الرياضية والهندسية الموجودة في الكون، وأن **نقطة التحول الرئيسية في الاتجاه تحدث غالباً عندما “يحين الوقت” لذلك**، وليس فقط عندما تصل الأسعار إلى مستوى سعري معين. في نظره، السعر يُخبرك “أين” السوق، بينما الزمن يُخبرك **”متى”** يُرجح أن يحدث التغيير المهم. اعتبار الزمن كقوة مُحفزة للتغيير هو ما يميز فلسفته ويضع الزمن في مكانة مساوية أو أعلى من السعر.
تُترجم هذه الفلسفة إلى أدوات جان التحليلية الشهيرة (مثل زوايا جان ومربعات جان ودورات الزمن) التي صُممت خصيصاً لدمج بُعد الزمن مع السعر والشكل على الرسوم البيانية للبحث عن النقاط الزمنية السعرية الحرجة التي تُشكل فرصاً أو مخاطر تداول.
على الرغم من أن أساليب جان مُعقدة ومثيرة للجدل، فإن تركيزه على أهمية الزمن يظل مساهمة فريدة ومهمة في عالم تحليل الأسواق، ويُشجع المتداولين على النظر إلى ما وراء التحليل السعري السطحي للبحث عن الأنماط والدورات والبُنى الزمنية التي قد تُقدم رؤى إضافية قيمة. في نظر جان، فهم “التوقيت” كان مفتاحاً للتنبؤ بالأسواق، وهو مفهوم لا يزال يُلهم المتداولين حتى اليوم.
فكرة أخيرة: في المرة القادمة التي تُحلل فيها مخططاً سعرياً، لا تُركز فقط على مستويات الدعم والمقاومة السعرية. حاول أيضاً أن تسأل نفسك: هل “الوقت” مناسب لحدوث تغير في الاتجاه بناءً على دورات زمنية سابقة؟ هذا النوع من التفكير هو جوهر فلسفة جان عن أهمية الزمن.

 

شارك المنشور

اترك تعليقاً

إعلان

إحصاءات

المقالات

[sbs_posts]

التعليقات

[sbs_comments]

المتابعين

+999

زيارات المقال

الكاتب

Exit mobile version