إعصار “ميلتون” يقترب من فلوريدا: ماذا سيحدث في الأسواق العالمية وتأثيره على الذهب، النفط، الأسهم والاقتصاد الأمريكي؟
المقدمة
في الوقت الذي تستعد فيه ولاية فلوريدا لاستقبال إعصار “ميلتون” العنيف غدًا الأربعاء، يتزايد القلق في الأوساط المالية والاقتصادية حول العالم. تراجع قوة الإعصار إلى الفئة الرابعة لم يُضعف من المخاوف، إذ لا يزال يُعتبر “خطيراً للغاية” ويُتوقع أن يتسبب في دمار هائل. في حين أن فلوريدا لا تزال تعاني من تبعات الإعصار “هيلين” الذي ضربها في أواخر سبتمبر الماضي، تتوجه الأنظار إلى التأثيرات المحتملة لهذا الإعصار على الأسواق العالمية، بما في ذلك الذهب، النفط، والأسهم.
التأثير المتوقع على الأسواق المالية
عند وقوع الكوارث الطبيعية الكبيرة مثل الأعاصير، لا يقتصر التأثير فقط على الأشخاص والبنية التحتية، بل يمتد إلى الأسواق المالية. إليك كيف يمكن أن يؤثر إعصار “ميلتون” على القطاعات الاقتصادية المختلفة:
1. تأثير الإعصار على الذهب
الذهب يُعتبر عادةً ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات. عندما تتزايد المخاوف من الكوارث الطبيعية أو الأزمات الجيوسياسية، يتوجه المستثمرون نحو الذهب لحماية أموالهم. من المتوقع أن يشهد الذهب ارتفاعًا في قيمته خلال الأيام القليلة القادمة مع اقتراب إعصار “ميلتون” من اليابسة في فلوريدا.
القلق المرتبط بالإعصار يؤدي إلى عدم استقرار في الأسواق العالمية، وهو ما يدفع المستثمرين إلى نقل استثماراتهم إلى أصول أكثر أمانًا مثل الذهب. هذا الاتجاه غالبًا ما يدفع بأسعار الذهب إلى أعلى، حيث ترتفع الطلبات عليه في ظل الانخفاض المتوقع في قيمة الأسهم والسلع الأخرى.
2. تأثير الإعصار على أسعار النفط
الإعصار “ميلتون” يعبر بالقرب من خليج المكسيك، الذي يضم العديد من منصات إنتاج النفط والغاز الطبيعي. عندما تمر الأعاصير القوية عبر هذه المنطقة، غالبًا ما تضطر شركات النفط إلى إيقاف الإنتاج أو تقليل أنشطتها للحفاظ على سلامة العاملين والمنشآت. مثل هذه الإعاقات في الإنتاج يمكن أن تؤدي إلى تقليص المعروض من النفط في السوق العالمية، مما يتسبب في ارتفاع الأسعار.
من المتوقع أن يؤدي “ميلتون” إلى تعطيل عمليات الإنتاج في خليج المكسيك، وهو ما قد يؤثر على العرض العالمي للنفط. إذا تزايدت حالات الإغلاق وتأثرت منصات الإنتاج بشكل كبير، قد نشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار النفط في الأسواق العالمية.
3. تأثير الإعصار على الأسهم
عادة ما تتأثر أسواق الأسهم سلبًا بالكوارث الطبيعية الكبيرة، خاصة إذا كانت هذه الكوارث تؤثر على الاقتصاد المحلي بشكل مباشر كما هو الحال في فلوريدا. قد نشهد تراجعًا في أسواق الأسهم الأمريكية بسبب الخسائر الاقتصادية المتوقعة والتكاليف المرتفعة للإغاثة وإعادة الإعمار.
شركات التأمين، النقل الجوي، وتلك المرتبطة بالبنية التحتية مثل المرافق والإنشاءات، ستكون من بين القطاعات الأكثر تأثرًا، حيث يتوقع أن تسجل خسائر فادحة نتيجة الأضرار المادية التي سيخلفها الإعصار.
على الجانب الآخر، يمكن أن تشهد بعض القطاعات مثل شركات البناء والتشييد ارتفاعًا في قيمتها في المستقبل بعد الإعصار، حيث ستتولى مهام إعادة الإعمار والإصلاح.
التأثير على الاقتصاد الأمريكي
الإعصار “ميلتون” يأتي في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأمريكي من ضغوط اقتصادية مختلفة بما في ذلك التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير تضيف مزيدًا من الضغوط، حيث تتطلب جهودًا ضخمة للإغاثة وإعادة الإعمار، وهو ما يؤدي إلى زيادة النفقات الحكومية.
من المتوقع أن يساهم الإعصار في زيادة الدين العام الأمريكي بسبب المساعدات التي ستحتاجها فلوريدا والدول المجاورة المتضررة. بالإضافة إلى ذلك، تعطيل الأعمال والأنشطة الاقتصادية في المناطق المتأثرة سيؤدي إلى انخفاض مؤقت في الإنتاج الاقتصادي، مما سيؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي.
التأثير على حياة الناس والبنية التحتية
أعاصير مثل “ميلتون” تترك أثرًا مدمرًا على حياة الناس. الإعصار “هيلين” الذي ضرب فلوريدا قبل أسبوعين فقط أودى بحياة 230 شخصًا على الأقل وأحدث فيضانات كارثية في عدة ولايات أمريكية. تشير التوقعات إلى أن “ميلتون” قد يتسبب في دمار مماثل، حيث تتوقع السلطات في فلوريدا حدوث فيضانات واسعة النطاق وأمواج مدمرة.
من المتوقع أن تواجه المرافق العامة مثل الكهرباء والمياه ضغوطًا كبيرة، وقد يتسبب الإعصار في انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة في مناطق واسعة من الولاية. السلطات المحلية رفعت حالة الطوارئ في 51 من مناطق فلوريدا الـ67، وأعلنت إجراءات إخلاء للسكان في المناطق الأكثر عرضة للخطر.
التأثير الاجتماعي والسياسي
إلى جانب التأثيرات الاقتصادية المباشرة، يمكن أن يكون للكوارث الطبيعية مثل إعصار “ميلتون” تأثيرات سياسية واجتماعية كبيرة. في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قد يتم استغلال الكارثة من قبل الأطراف السياسية المختلفة لانتقاد استجابة الحكومة الفيدرالية.
الإعصار “هيلين” الذي ضرب البلاد مؤخرًا أثار سجالًا سياسيًا حادًا بين الجمهوريين والديمقراطيين حول استجابة السلطات الفيدرالية. من المتوقع أن يتفاقم هذا السجال مع تأثيرات إعصار “ميلتون”، حيث يواجه المرشحون الانتقادات والاتهامات المتعلقة بالاستجابة الطارئة.
الاستعدادات والتوقعات المستقبلية
بينما تتوقع السلطات أن يصل إعصار “ميلتون” إلى اليابسة في فلوريدا مساء الأربعاء، تعمل أجهزة الإغاثة على مدار الساعة لضمان سلامة المواطنين وتقليل الأضرار. تمت إزالة الرسوم على الطرق العامة لتسهيل عمليات الإخلاء، وتوزيع أكياس الرمل لحماية المباني من الفيضانات.
المخاوف من الأضرار الاقتصادية الكبيرة ليست فقط محلية، بل تتعدى إلى الأسواق العالمية التي تترقب تأثيرات الإعصار على إنتاج النفط وتوريدات السلع. قد يستمر التأثير الاقتصادي لعدة أسابيع أو حتى أشهر بعد مرور الإعصار، مع تحديات كبيرة في إعادة البناء والإصلاح.
الخاتمة
إعصار “ميلتون” يمثل اختبارًا جديدًا لقدرة الولايات المتحدة على التعامل مع الكوارث الطبيعية، خاصة في ظل توترات سياسية واقتصادية قائمة. بينما تترقب الأسواق العالمية التأثيرات على النفط، الذهب، والأسهم، يبقى الأهم هو حماية الأرواح وتقليل الأضرار التي قد يخلفها الإعصار.